Monday, November 5, 2007

عندما ولدت كآبتي


البشر اصغر بكثير مما نتصور و اضعف ما يكونوا امام احزانهم
احزان البشر تتشابة و هذا هو ما يجعل خيط الالام يربطنا سويا فما بقلبك قد مر على قلبي و بالرغم من ذلك لا يمكنني ان أمنحك روشتة للنجاة من هذه الالام او امنحك حكمة و لو صغيرة
فقط لانها سنة الحياة
هذه الكلمات التالية من اروع ما خط بقلم جبران خليل جبران و قد اخترتها لكم لعلها تنال اعجابكم باذن الله


عندما ولدت كآبتي :

عندما ولدت كآبتي أرضعتها حليب العناية وسهرت عليها بعين الحب والحنان .
فنمت كآبتي كما ينمو كل حيّ قوية جميلة تفيض بهجة وإشراقا ً.
فأحببت كآبتي وأحبتني كآبتي وأحببنا معا ً العالم المحيط بنا لأن كآبتي كانت رقيقة القلب عطوفا ًفصيّرت قلبي رقيقاًعطوفاً.
وعندما كنا نتحادث معاً أنا وكآبتي كنانمنح الأحلام أجنحةًلأيامنا ومناطق لليالينا لأن كآبتي كانت فصيحة طليقة اللسان فصيّرت لساني فصيحاً طلقياً .

وعندما كنا نغني معاً أنا وكآبتي كان جيراننا يجلسون الى نوافذهم مصغين الى غنائنا لأن غناءنا كان عميقاً كأعماق البحـــر وغريباًكغرائب الذكرى .

وعندما كنا نمشي أنا وكآبتي كان الناس يرنون الينا بعيون تشع حبا ً وإعجاباً متحدثين بنا بأرق الألفاظ وأحلاها غير أن بعضاً منهم كانوا ينظرون إلينا بعيون الحسد لأن الكآبة كانت منقبة محمودة وأنا كنت متباهياً فخوراً بالكآبة .

ثم ماتت كآبتي كما يموت كل حي وبقيت أنا وحدي مفكراً متأملاً.
وها أنا ذا أتكلم الآن فتستثقل أذناي صوتي وأنشد فلا يصغي أحد من جيراني لإنشادي وأطوف الشوارع فلا يعبأ أحد بي ...

غير أنني أتعزّى إذ أسمع في منامي أصواتاً تقول متحسرة :
(أنظروا !أنظروا! فهنا يرقد الرجـــل الذي ماتت كآبته .)

وعندما ولدت مسرّتي:

وعندما ولدت مسّرتي حملتها على ذراعي وصعدت بها الى سطح بيتي أنادي قائلاً:
(تعالوا يا جيراني ومعارفي ...تعالوا وانظروا ! فقد ولدت مسرّتي اليوم ...تعالوا وانظروا فيض مسرتي الضاحكة أمام الشمس)

وشدّ ما كان دهشي لأنه لم يأت أحد من جيراني ليرى مسرتي .
وظللت سبعة أشهر أعلن مسرّتي للناس بكرة وأصيلا ً من على سطح بيتي ولكن لم يُصغِ أحد قط لصوتي .

فبقيت ومسرّتي وحيدين مهملين لا يعبأ أحد بنا .

وما مرّ على ذلك سنة حتى سئمت مسرّتي حياتها فامتقع لونها واعتلــّت إذ لم ينبض بحبها قلب سوى قلبي ولم يقـبــّل فمها سوى فمي .

فقضت مسرّتي في وحشتها وأمسيت لا أذكرها إلا عندما أذكر كآبتي.

هكذا هي حياة الانسان بها لحظات قد يكون فيها منفردا بافراحه و قد يكون وحيدا في ليالي احزانه و احيانا تنطبق عليه هذه الكلمات : لا يجمع البشر سوي لحظات الالام المتشابهة

5 comments:

Anonymous said...

نادرا ما تولد المسرة لذلك نبقي مع الكابة و مع الناس و بصحبتهم
دام لنا قلمك و ابدع جبران
احمد نورالدين

Anonymous said...

حبران قال دة كله و الله برافو عليه اهو هو دة الكلام و لا بلاش

فريدة الطاهر

Anonymous said...

فعلا الكابة احيانا بتخرج اشياء كثيرة وتخلق جو تعجز عن اخراجه لحظات السعادة والمسرة في انفسنا شكرا لانتقائك هذه الكلمات ودمتي لي

Anonymous said...

الكابة مصدر الالم و طالما نتالم اذن نحن موجودين بعنف

الامضاء سر الحياة:
نوران

shreen said...

احزان البشر تتشابة و هذا هو ما يجعل خيط الالام يربطنا سويا

صحيح هذا بافعل يا همسه
ان الحزن يوحد بين البشر يربط بين الكثيرين
فقد نبكى مثلا مشهدا فى فيلما شاهدناه لانه يمثل لنا موقفا محزنا عشناه من قبل
نبكى نفسنا فى هذا المشهد

ونبكى توحدا مع الام الابطال
الذين نشفق عليهم من ان يخوضوا تجربتنا المريره

ومن رحم الحزن و الكابه
ظهر الابداع
كتابات الراحل
كامل الشناوى
كانت تقطر عذابا وحزنا
لكننا عشقنا كتاباته وحزنه وكابته
لانه عبر عن اشياء قد تكون مرت بنا ولم نكن نحن قادرين على التعبير عنها
فوجدنا الامنا فى كتاباته

تحياتى مره اخرى